/ الفَائِدَةُ : (4) /
06/07/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. /الغُلُوّ والتَّقصير أَحدهما يستبطن الآخر/ إِنَّ معنىٰ الغُلُوّ ليس ما يظنَّه الكثير من أَنَّه إِعطاء الحقّ وزيادة ، بل إِيفاء بما للشيء من حقيقةٍ وزيادة . ثُمَّ إِنَّه يَنْبَغِي الْاِلْتِفَات : أَنَّ في كُلِّ غُلُوٍّ تقصيراً ، وفي كُلِّ تقصيرٍ غُلُوّاً . بيان ذلك يتمُّ من خلال البيان الرياضي والهندسي التَّالي ، وهو : أَنَّه لو أُريد توزيع مادَّة مُعيَّنة على أَقسام ولتكن ثلاثة ـ فلو فرض أَنَّه أُنقص من مادَّة القسم الأَوَّل شيء ؛ وحصل فيه تقصير فسيحصل تلقائيَّاً غُلُوّاً في أَحد القسمين الآخرين أَو في كليهما؛ فإِنَّه لا بُدَّ أَنْ يُدفع ما أُخذ من القسم الأَوَّل : إِمَّا لأَحد القسمين أَو لكليهما. وعلى هذا قس العكس؛ فإِنَّه لو دُفِعَ للقسم الأَوَّل أَكثر من مادَّته وحصل فيه غُلُوّ فلازمه وقوع التَّقصير في أَحد القسمين الآخرين أَو في كليهما. ومنه يتَّضح : أَنَّ اتباع السقيفة حينما قصَّروا في حقِّ أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ونفوا عنهم العصمة والإِمامة وَهَلُمَّ جَرّاً، أَثبتوها عمليّاً لأَصحاب السَّقيفة ، وجعلوا الفقهاء الأَربعة ناموس الدِّين وأَئِمَّته. وعلى هذا قس حال الصوفيَّة والعرفاء ؛ فإِنَّهم يسلبون خصوصيَّات ثابتة لأَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ويُثبتوها لغيرهم . وبالجملة : أَنَّ مَنْ يُقَصِّر في جهةٍ كما لو قصَّرَ في عصمة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وإِمامتهم ومقاماتهم وشؤونهم وغيرها فلابُدَّ أَنْ يدفع بتلك العصمة والإِمامة والمقامات وغيرها إِلى غيرهم (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) ، ومن ثَمَّ حصول غُلُوّ في حقِّ ذلك الغير. إِذَنْ : كُلُّ مُغالٍ مُقَصِّرٍ ، وكُلُّ مُقَصِّرٍ مُغالٍ ، والنَّجاة تكمن في سلوك الجادَّة الوسطىٰ الَّتي لا نهاية لها ، جادَّة أَهْل الْبَيْتِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ ، والَّتي لا تخرج إِلى عوجٍ ، ولا تزيل من منهج الحقِّ . وصلى الله على محمد واله الاطهار